صدى السمارة/السمارة
ولد المرحوم المقاوم والشيخ عبد الله ولد عجنى ولد زربييع سنة 1922 على ضفاف واد الساقية الحمراء، شيخ قبيلة الركيبات السلالكة وأحد رجالاتها المخلصين. عاش ردحًا من الزمن بمدينة الطنطان مرابطًا بين أبناء عمومته، قبل أن يرحل إلى جوار ربه سنة 1989 بمدينة السمارة، تاركًا وراءه سيرة عطرة وتاريخًا تليدًا من البذل والعطاء ونكران الذات.
شارك الفقيد، إلى جانب أبنائه وزوجته وأبناء عمومته، في عدة معارك بطولية ضد المستعمر الفرنسي، من أبرزها معركة واد الصفا، ومعركة رغيوة، ومعركة مركالة، حيث أصيب بجروح في اليد والرأس برصاص طائرة فرنسية كانت تُعرف آنذاك بـ”الصفيرات”. كما أصيبت زوجته المرحومة السالكة بنت علي ولد ديلال برصاصة في ذراعها، فيما استشهد شقيقه محمود ولد عجنى في نواحي جماعة حوزة بإقليم السمارة.
لم يبخل الفقيد بماله وإبله ووقته في دعم المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وظل حاضرًا في كل المبادرات الوطنية دفاعًا عن حوزة الوطن. وكان ضمن الوفود الصحراوية التي حظيت باستقبال المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، تجسيدًا لروح الولاء والإخلاص، كما شارك في حفلات الولاء للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله. وفي سنة 1973، حضر ضمن الوفود التمثيلية المشاركة في الدروس الحسنية بالرباط.
عرف الفقيد بنضاله المرير ضد المستعمر، حتى زُج به في السجن بتندوف رفقة مجموعة من المقاومين وأعضاء جيش التحرير بقيادة المرحوم ناضل الهاشمي، ضمن المقاطعة الثامنة. كما انخرط بقوة في العمل المسلح، مشاركًا في قيادة فرق جيش التحرير المغربي وتكوين خلايا المقاومة، وتولى بداية الخمسينيات منصب المسؤول السياسي لقيادة جيش التحرير في الجنوب.
ظل الشيخ عبد الله ولد عجنى طوال مسيرته الجهادية مثالًا للمقاوم الجسور والوطني الغيور، والرجل المتواضع الملتزم، المتفاني في خدمة قيم الوطنية الصادقة والمقدسات الدينية. وقد شاءت الأقدار أن يتزامن رحيله مع أيام قليلة قبل تخليد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير لذكرى ثورة الملك والشعب، في مناسبة لاستحضار تضحيات جيل من الأبطال الذين بذلوا الغالي والنفيس ليحيا الخلف في وطن آمن كريم.